بعض الجهات المختصة ينطبق عليها المثل «أشعلم المعيدي أكل النعناع»
مع دلوق سهيل.. وبداية الموسم.. يبدأ حظر الصيد !
من المتعارف عليه عند أهل البحر ان مواسم الصيد تبدأ من بداية سبتمبر مع دلوق سهيل وتستمر حتى بداية شهر ديسمبر والموسم الثاني يبدأ من منتصف فبراير ويستمر حتى نهاية مايو.. ولكن ما نسمعه ونشاهده الآن من قرارات مقلدة لا تتناسب وطبيعة بحرنا ومناخنا واصبح الوضع مختلفا تماما ولا نعرف الاسباب الحقيقية لاختلاف تلك المواسم عند الجهات المختصة، وعلى سبيل المثال اختلاف موسم صيد الزبيدي والربيان وحاليا حظر الصيد مع مطلع سبتمبر الذي يعتبر بداية لموسم الصيد الفعلي.
فهل اصبح البحر بيد من هم ليسوا بأهله أم عدم وجود اصحاب الخبرة بأوقات ومواسم الصيد وحسابه، ولماذا اصبحت أوضاع بحرنا وثروتنا السمكية بالاتجاه السلبي بسبب تلك القرارات؟
الباحث محمد يعقوب البكر له وجهة نظر ورأي في ما يتعلق بتلك القرارات، وايضاً تطرق إلى قرار حظر الصيد من مطلع سبتمبر الذي يعتبر بداية لموسم الصيد الفعلي فماذا يقول؟
في البداية يقول: غالباً أردد في نفسي المثل «أشعلم المعيدي أكل النعناع؟» والمعيدي مفرد معدان وهم جماعة من بادية العراق أو لعلهم قبيلة من الاعراب عرفوا عند أهل الكويت بالمعدان وواحدهم امعيدي وفي الماضي كان هؤلاء المعدان يجلبون منتوجاتهم الصحراوية إلى صفاة الكويت من أغنام وسمن ولبن وأقط وكرثي (لبنه) وبيض ودجاج وغير ذلك مما تجود به الصحراء، ثم يرحلون بعد ان يبيعوا ما جلبوا من باديتهم، وقيل ان احدهم اشترى حزمة من النعناع ظنا منه انها برسيم ليطعمها حماره فراحت مثلا «اشعلم المعيدي أكل النعناع».. واليوم وقد ركب البحر من ليسوا بأهله ومارسوا الصيد فيه دونما علم أو خبرة بفنونه أو أوقات الصيد فيه ومواسمه وحسابه والاعتداد بها وياليتهم إلى هذا الحد وكفى.. بل أصبحوا يشرعون القوانين ويحددون أوقات الصيد ويفرضون الحظر والمنع بما لا يتناسب والمواسم التي ينتظرها الحداق وهاوي الصيد والصياد المحترف بفارغ الصبر.
موسم صيد الأسماك
ومعلوم عند أهل البحر انه بعد دلوق نجم سهيل في الرابع والعشرين من شهر أغسطس يبدأ موسم الصيد الفعلي في البحر، وخاصة في المساء بعد الغروب. وإصدار قرار منع الصيد في مثل هذا الوقت من السنة الميلادية يعني قتل طموح الصياد وكبت حريته، مما يدفع مخالفي القانون إلى الصيد بالطرق العشوائية والفوضوية، ممن لديهم حصانة «أو واسطة» يعتمدون عليها في تخليصهم من أيدي العدالة، ويحرم الصيادون والحداقة الذين يتبعون النظام ويحترمون القانون. فأهل البحر هم أصحاب خبرة بحرية عريقة وضعوا لأنفسهم قوانين أزلية تتناسب وطبيعة مناخهم ومواسمهم، ولم تفرض عليهم من جهات رسمية، فعرفوا أوقات الصيد ومواسم الأسفار وأشهر الغوص، حيث كان هناك فصلان من فصول السنة الميلادية يمتهنون الصيد البحري فيهما وهما فصلا الخريف والربيع، يبدأ فيه أولهما وهو فصل الخريف من دلوق نجم سهيل في نهاية شهر أغسطس وحتى بداية شهر ديسمبر، أما الموسم الثاني وهو فصل الربيع الذي يبدأ من منتصف شهر فبراير وحتى نهاية شهر مايو.
موسم الربيان
وقال: أما صيادو الربيان فلهم وقتان مختلفان يمارسون فيهما صيد الربيان، الوقت الأول عند اشتداد البرد في فصل الشتاء في شهري ديسمبر ويناير ويسمى هذا الوقت بالضاروب ولم أجد لكلمة الضاروب معنى عند أهل الكويت واحسبها كما ذكرها ابن منظور في لسان العرب، الضوارب: التي تطلب الرزق. وضربت في الارض ابتغي الخير من الرزق، قال الله، عز وجل: «وان ضربتم في الارض، اي سافرتم»، وقوله تعالى: «لا يستطيعون ضربا في الارض»، يقال: ضرب في الارض اذا سار فيها مسافرا فهو ضارب. والضرب يقع على جميع الاعمال، الا قليلا. وضرب في التجارة وفي الارض وفي سبيل الله وضاربه في المال، ومن المضاربة:
وهي القراض. والمضاربة: ان تعطي انسانا من مالك ما يتاجر فيه على ان يكون الربح بينكما، او ان يكون سهما معلوما من الربح، انتهى قول ابن منظور. ولاشك ان الضرب جاء من طلب الرزق فأهل الضاروب تجشموا العناء في برد الشتاء القارس طلبا للرزق وربيانة الضاروب كبيرة نسبيا ولونها مائل للاحمرار، وعرفت بالربيانة الحمرا او الحمرة. وهذا النوع من الربيان يجلب بكميات كبيرة جدا يعمد الى شرائه اهل الكويت بكثرة ليقوموا بسلقه بالماء والملح ونشره على اسطح المنازل والمعروشات لتجفيفه وحفظه مؤونة لفصلي الصيف والشتاء عندما يتوقف صيادو الاسماك عن ممارسة مهنة الصيد.
اما الموسم الثاني لصيادي الربيان فيكون في فصل الربيع، فيتم صيد نوع آخر من الربيان ويعرف بالربيانة الاشحامية وسميت بهذا الاسم لبياض لحمها المماثل للون الشحم الابيض، ويؤكل هذا النوع من الربيان طازحا في حينه ويتفننون بأكلاته مع الارز او يصنع منه كباب الربيان «اجباب ربيان» ونحو ذلك من اكلات.
قرارات غير مدروسة
واضاف: أهل الكويت القدامى حريصون على موازنة الحياة الفطرية وخبراء في التعامل مع مواسم الصيد، فلو كانت هناك برامج بحرية تثقيفية وتعليمية في وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة كي يطلع الأبناء والأحفاء على النهج الذي اتبعه آبائهم وأجدادهم في ممارسة هواياتهم ومهنهم كما ينبغي لما احتجنا إلى قرارات المنع والحظر الغير مدروسه والمقلده مما يرد إلينا من أفكار ونظريات لا تتناسب وطبيعة مناخنا الخليجي وجزيرتنا العربية مما أفسد تلك الطبيعة الحرة ومواسمها المتبعة براً وبحراً ولفت نظري منظر لصورة الحدود بيننا وبين العراق في جريدة «القبس» في يوم الاربعاء الموافق 12 أغسطس 2009، وتبين الصورة ان الأراضي العراقية المتاخمة للحدود الشمالية الكويتية لازالت النباتات الحولية تكسوا الأراضي العراقية رغم أشهر الصيف والجفاف الموسمي ولو نظرت إلى صحارينا لما شاهدت غير الرمال الزاحفة والسبب معلوم لدى الجميع ولا أظنه يخفى على احد واهم تلك الأسباب قرارات المنع والحضر وتضارب الأفكار الدخيلة مما جعل الناس تتخبط في معرفة المواسم ومتى يكون الفصل المناسب للصيد البحري او للنزهة الصحراوية والمفروض من كل مواطن يريد اقامة مخيمه الربيعي يقيمه في فصل الربيع الفعلي في آخر فبراير إلى آخر ابريل اما قبل ذلك فهو قتل للنواة الصحراوية وسحق لبراعم النباتات التي يبدأ نموها مع موسم الأمطار في منتصف اكتوبر وحتى شهر فبراير وهي فترة النمو والأزدهار واتمنى من المسؤولين أن يراعوا تلك الأوقات بدلاً من تحديد موسم اقامة المخيمات الربيعية من أول نوفمبر وحتى أول أبريل (نيسان) وأن يعدلوا هذا القرار ويبدأ السماح بأقامة المخيمات الربيعية من منتصف شهر فبراير وحتى نهاي شهر مايو موسم نهاية الأمطار في الكويت كما هو معلوم لنحافظ على نباتات صحرائنا التي افتقدنا براعمها وسحقته مخيمات الخريف وحتى لا نطعم حميرنا نعناع بدل البرسيم وما بقى لي الا أن أقول تلك الكلمات لبعض الجهات المختصة التي ينطبق عليها للأسف ذلك المثل .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق